الإمامة الخاصّة

الإمامة الخاصّة

    •  

   1 ـ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُم([1]).

عن الباقر «عليه السلام» في تفسير الآية: الأئمة من ولد علي وفاطمة «عليهما السلام» إلى يوم القيامة ([2]).

 

2 ـ ﴿إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ([3]).

نزلت في علي أمير المؤمنين «عليه السلام»، الذي تصدّق بخاتمه وهو راكع يصلي صلاة الظهر، والآية ثبَّتت أن الولاية التي لرسول الله «صلى الله عليه وآله» هي أيضاً لأمير المؤمنين «عليه السلام».

 

3 ـ ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا([4]).

نزلت الآية يوم غدير «خم»، في حجة الوداع، بتبليغ النبي «صلى الله عليه وآله» لأمر الله بالولاية والخلافة من بعده لعلي «عليه السلام»، وبعدها يئس المشركون والمنافقون من القضاء على الدين.

 

4 ـ ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا([5]).

الملك العظيم ليس الملك المادي وإنما ملك النبوة والإمامة.. وعن الباقر «عليه السلام»: نحن الناس المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون خلق الله أجمعين..

 

1 ـ روى الشيخ الصدوق عن مُحَمَّد بْن الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، عن مُحَمَّد بْن الْحَسَنِ الصَّفَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، ويَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ:

لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللهِ «صلى الله عليه وآله» مِنْ حِجَّةِ الْوَدَاعِ ونَحْنُ مَعَهُ، أَقْبَلَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْجُحْفَةِ، فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالنُّزُولِ، فَنَزَلَ الْقَوْمُ مَنَازِلَهُمْ، ثُمَ‏ نُودِيَ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ لَهُم‏:

...أَلَا مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ، فَإِنَّ عَلِيّاً مَوْلَاهُ،‏ وهُوَ هَذَا، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ «عليه السلام» فَرَفَعَهَا مَعَ يَدِهِ حَتَّى بَدَتْ آبَاطُهُمَا، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ.

أَلَا وَإِنِّي فَرَطُكُم،ْ‏ وَأَنْتُمْ وَارِدُونَ عَلَيَّ الْحَوْضَ، حَوْضِي غَداً، وَهُوَ حَوْضٌ عَرْضُهُ مَا بَيْنَ بُصْرَى وَصَنْعَاءَ، فِيهِ أَقْدَاحٌ مِنْ فِضَّةٍ، عَدَدَ نُجُومِ السَّمَاءِ، أَلَا وَإِنِّي سَائِلُكُمْ غَداً مَاذَا صَنَعْتُمْ فِيمَا أَشْهَدْتُ اللهَ بِهِ عَلَيْكُمْ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا إِذَا وَرَدْتُمْ عَلَيَّ حَوْضِي، وَمَاذَا صَنَعْتُمْ بِالثَّقَلَيْنِ‏ مِنْ بَعْدِي، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَكُونُونَ خَلَفْتُمُونِي فِيهِمَا حِينَ تَلْقَوْنِي.

قَالُوا: وَمَا هَذَانِ الثَّقَلَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: أَمَّا الثَّقَلُ الْأَكْبَرُ، فَكِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلّ،َ سَبَبٌ مَمْدُودٌ مِنَ اللهِ وَمِنِّي فِي أَيْدِيكُمْ، طَرَفُهُ بِيَدِ اللهِ، وَالطَّرَفُ الْآخَرُ بِأَيْدِيكُمْ، فِيهِ عِلْمُ مَا مَضَى، وَمَا بَقِيَ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ.

وَأَمَّا الثَّقَلُ الْأَصْغَرُ، فَهُوَ حَلِيفُ الْقُرْآنِ‏، وَهُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وعِتْرَتُهُ «عليهم السلام»، وَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ.

قَالَ مَعْرُوفُ بْنُ خَرَّبُوذَ: فَعَرَضْتُ هَذَا الْكَلَامَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ «عليه السلام»، فَقَالَ: صَدَقَ أَبُو الطُّفَيْلِ «رَحِمَهُ اللهُ»، هَذَا الْكَلَامُ وَجَدْنَاهُ فِي كِتَابِ عَلِيٍّ([6]) «عليه السلام» وَعَرَفْنَاه‏([7]).

 

2 ـ روى الشيخ الصدوق عن أَحْمَد بْن زِيَادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَمَدَانِيُّ، عن عَلِيّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ غِيَاثِ‏ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ «عليهم السلام» قَالَ:

سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ «عليه السلام» عَنْ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللهِ «صلى الله عليه وآله»‏: إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ‏ الثَّقَلَيْنِ:‏ كِتَابَ اللهِ، وَعِتْرَتِي، مَنِ الْعِتْرَةُ؟

فَقَالَ: أَنَا والْحَسَنُ والْحُسَيْنُ، والْأَئِمَّةُ التِّسْعَةُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ، تَاسِعُهُمْ مَهْدِيُّهُمْ وقَائِمُهُمْ، لَا يُفَارِقُونَ كِتَابَ اللهِ، ولَا يُفَارِقُهُمْ، حَتَّى يَرِدُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ «صلى الله عليه وآله» حَوْضَه([8]).

 

3 ـ روى الشيخ الكليني عن مُحَمَّد بْن يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ «عليه السلام»:

...وقَدْ بَلَّغَ رَسُولُ الله «صلى الله عليه وآله» الَّذِي أُرْسِلَ بِه، فَالْزَمُوا وَصِيَّتَه، ومَا تَرَكَ فِيكُمْ مِنْ بَعْدِه مِنَ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابِ الله، وأَهْلِ بَيْتِه، اللَّذَيْنِ لَا يَضِلُّ مَنْ تَمَسَّكَ بِهِمَا، ولَا يَهْتَدِي مَنْ تَرَكَهُمَا([9])...

 

4 ـ روى الشيخ الكليني عن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ الأَشْعَرِيّ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عن الْحَسَن بْن عَلِيٍّ الْوَشَّاء، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ قَالَ:

سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ «عليه السلام» عَنْ قَوْلِ الله عَزَّ وجَلَّ: ﴿أَطِيعُوا اللهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾، فَكَانَ جَوَابُه:

﴿ألَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ والطَّاغُوتِ ويَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً﴾، يَقُولُونَ لأَئِمَّةِ الضَّلَالَةِ والدُّعَاةِ إِلَى النَّارِ: ﴿هؤُلاءِ أَهْدى﴾ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ﴿سَبِيلاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ ومَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَه نَصِيراً أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ﴾ يَعْنِي الإِمَامَةَ والْخِلَافَةَ، ﴿فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً﴾. نَحْنُ النَّاسُ الَّذِينَ عَنَى الله، والنَّقِيرُ النُّقْطَةُ الَّتِي فِي وَسَطِ النَّوَاةِ.

﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِه﴾، نَحْنُ النَّاسُ الْمَحْسُودُونَ عَلَى مَا آتَانَا اللُه مِنَ الإِمَامَةِ دُونَ خَلْقِ الله أَجْمَعِينَ.

﴿فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ وآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً﴾ يَقُولُ جَعَلْنَا مِنْهُمُ الرُّسُلَ والأَنْبِيَاءَ والأَئِمَّةَ، فَكَيْفَ يُقِرُّونَ بِه فِي آلِ إِبْرَاهِيمَ «عليه السلام» ويُنْكِرُونَه فِي آلِ مُحَمَّدٍ «صلى الله عليه وآله»؟

﴿فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِه ومِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْه وكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً % إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً([10]).

 

5 ـ روى الشيخ الكليني عن مُحَمَّد بْن يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ غَالِبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله «عليه السلام» فِي خُطْبَةٍ لَه يَذْكُرُ فِيهَا حَالَ الأَئِمَّةِ «عليهم السلام» وصِفَاتِهِمْ:

...إِنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أَوْضَحَ بِأَئِمَّةِ الْهُدَى مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّنَا عَنْ دِينِه، وأَبْلَجَ بِهِمْ عَنْ سَبِيلِ مِنْهَاجِه، وفَتَحَ بِهِمْ عَنْ بَاطِنِ يَنَابِيعِ عِلْمِه، فَمَنْ عَرَفَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ «صلى الله عليه وآله» وَاجِبَ حَقِّ إِمَامِه، وَجَدَ طَعْمَ حَلَاوَةِ إِيمَانِه، وعَلِمَ فَضْلَ طُلَاوَةِ إِسْلَامِه، لأَنَّ اللَه تَبَارَكَ وتَعَالَى نَصَبَ الإِمَامَ عَلَماً لِخَلْقِه، وجَعَلَه حُجَّةً عَلَى أَهْلِ مَوَادِّه وعَالَمِه، وأَلْبَسَه اللهُ تَاجَ الْوَقَارِ وغَشَّاه مِنْ نُورِ الْجَبَّارِ، يُمَدُّ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ لَا يَنْقَطِعُ عَنْه مَوَادُّه، ولَا يُنَالُ مَا عِنْدَ الله إِلَّا بِجِهَةِ أَسْبَابِه، ولَا يَقْبَلُ اللهُ أَعْمَالَ الْعِبَادِ إِلَّا بِمَعْرِفَتِه، فَهُوَ عَالِمٌ بِمَا يَرِدُ عَلَيْه مِنْ مُلْتَبِسَاتِ الدُّجَى ومُعَمَّيَاتِ السُّنَنِ ومُشَبِّهَاتِ الْفِتَنِ.

فَلَمْ يَزَلِ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى يَخْتَارُهُمْ لِخَلْقِه مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ «عليه السلام»، مِنْ عَقِبِ كُلِّ إِمَامٍ، يَصْطَفِيهِمْ لِذَلِكَ، ويَجْتَبِيهِمْ، ويَرْضَى بِهِمْ لِخَلْقِه ويَرْتَضِيهِمْ، كُلَّمَا مَضَى مِنْهُمْ إِمَامٌ نَصَبَ لِخَلْقِه مِنْ عَقِبِه إِمَاماً، عَلَماً بَيِّناً، وهَادِياً نَيِّراً، وإِمَاماً قَيِّماً، وحُجَّةً عَالِماً، أَئِمَّةً مِنَ الله يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وبِه يَعْدِلُونَ، حُجَجُ الله ودُعَاتُه، ورُعَاتُه عَلَى خَلْقِه، يَدِينُ بِهَدْيِهِمُ الْعِبَادُ، وتَسْتَهِلُّ بِنُورِهِمُ الْبِلَادُ، ويَنْمُو بِبَرَكَتِهِمُ التِّلَادُ، جَعَلَهُمُ اللهُ حَيَاةً لِلأَنَامِ، ومَصَابِيحَ لِلظَّلَامِ، ومَفَاتِيحَ لِلْكَلَامِ، ودَعَائِمَ لِلإِسْلَامِ، جَرَتْ بِذَلِكَ فِيهِمْ مَقَادِيرُ الله عَلَى مَحْتُومِهَا.

فَالإِمَامُ هُوَ الْمُنْتَجَبُ الْمُرْتَضَى، والْهَادِي الْمُنْتَجَى، والْقَائِمُ الْمُرْتَجَى، اصْطَفَاه اللهُ بِذَلِكَ، واصْطَنَعَه عَلَى عَيْنِه، فِي الذَّرِّ حِينَ ذَرَأَه، وفِي الْبَرِيَّةِ حِينَ بَرَأَه، ظِلاًّ قَبْلَ خَلْقِ نَسَمَةٍ، عَنْ يَمِينِ عَرْشِه، مَحْبُوّاً بِالْحِكْمَةِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَه.

اخْتَارَه بِعِلْمِه، وانْتَجَبَه لِطُهْرِه، بَقِيَّةً مِنْ آدَمَ «عليه السلام»، وخِيَرَةً مِنْ ذُرِّيَّةِ نُوحٍ، ومُصْطَفًى مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ، وسُلَالَةً مِنْ إِسْمَاعِيلَ، وصَفْوَةً مِنْ عِتْرَةِ مُحَمَّدٍ «صلى الله عليه وآله»، لَمْ يَزَلْ مَرْعِيّاً بِعَيْنِ الله، يَحْفَظُه ويَكْلَؤُه بِسِتْرِه، مَطْرُوداً عَنْه حَبَائِلُ إِبْلِيسَ وجُنُودِه، مَدْفُوعاً عَنْه وُقُوبُ الْغَوَاسِقِ ونُفُوثُ كُلِّ فَاسِقٍ، مَصْرُوفاً عَنْه قَوَارِفُ السُّوءِ، مُبْرَأً مِنَ الْعَاهَاتِ، مَحْجُوباً عَنِ الآفَاتِ، مَعْصُوماً مِنَ الزَّلَّاتِ، مَصُوناً عَنِ الْفَوَاحِشِ كُلِّهَا، مَعْرُوفاً بِالْحِلْمِ والْبِرِّ فِي يَفَاعِه، مَنْسُوباً إِلَى الْعَفَافِ والْعِلْمِ والْفَضْلِ عِنْدَ انْتِهَائِه، مُسْنَداً إِلَيْه أَمْرُ وَالِدِه، صَامِتاً عَنِ الْمَنْطِقِ فِي حَيَاتِه.

فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ وَالِدِه، إِلَى أَنِ انْتَهَتْ بِه مَقَادِيرُ الله إِلَى مَشِيئَتِه، وجَاءَتِ الإِرَادَةُ مِنَ الله فِيه إِلَى مَحَبَّتِه، وبَلَغَ مُنْتَهَى مُدَّةِ وَالِدِه «عليه السلام»، فَمَضَى وصَارَ أَمْرُ الله إِلَيْه مِنْ بَعْدِه، وقَلَّدَه دِينَه وجَعَلَه الْحُجَّةَ عَلَى عِبَادِه، وقَيِّمَه فِي بِلَادِه، وأَيَّدَه بِرُوحِه، وآتَاه عِلْمَه، وأَنْبَأَه فَصْلَ بَيَانِه، واسْتَوْدَعَه سِرَّه، وانْتَدَبَه لِعَظِيمِ أَمْرِه، وأَنْبَأَه فَضْلَ بَيَانِ عِلْمِه، ونَصَبَه عَلَماً لِخَلْقِه، وجَعَلَه حُجَّةً عَلَى أَهْلِ عَالَمِه، وضِيَاءً لأَهْلِ دِينِه، والْقَيِّمَ عَلَى عِبَادِه.

رَضِيَ اللهُ بِه إِمَاماً لَهُمُ، اسْتَوْدَعَه سِرَّه، واسْتَحْفَظَه عِلْمَه، واسْتَخْبَأَه حِكْمَتَه، واسْتَرْعَاه لِدِينِه، وانْتَدَبَه لِعَظِيمِ أَمْرِه، وأَحْيَا بِه مَنَاهِجَ سَبِيلِه وفَرَائِضَه، وحُدُودَه، فَقَامَ بِالْعَدْلِ عِنْدَ تَحَيُّرِ أَهْلِ الْجَهْلِ، وتَحْيِيرِ أَهْلِ الْجَدَلِ، بِالنُّورِ السَّاطِعِ، والشِّفَاءِ النَّافِعِ، بِالْحَقِّ الأَبْلَجِ والْبَيَانِ اللَّائِحِ، مِنْ كُلِّ مَخْرَجٍ، عَلَى طَرِيقِ الْمَنْهَجِ، الَّذِي مَضَى عَلَيْه الصَّادِقُونَ مِنْ آبَائِه «عليهم السلام»، فَلَيْسَ يَجْهَلُ حَقَّ هَذَا الْعَالِمِ إِلَّا شَقِيٌّ، ولَا يَجْحَدُه إِلَّا غَوِيٌّ، ولَا يَصُدُّ عَنْه إِلَّا جَرِيٌّ عَلَى الله جَلَّ وعَلَا([11]).

 

6 ـ روى الشيخ الكليني عن مُحَمَّد بْن يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عِيسَى بْنِ السَّرِيِّ، أَبِي الْيَسَعِ، قَالَ:

قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ الله «عليه السلام»: أَخْبِرْنِي بِدَعَائِمِ الإِسْلَامِ الَّتِي لَا يَسَعُ أَحَداً التَّقْصِيرُ عَنْ مَعْرِفَةِ شَيْءٍ مِنْهَا، الَّذِي مَنْ قَصَّرَ عَنْ مَعْرِفَةِ شَيْءٍ مِنْهَا فَسَدَ دِينُه، ولَمْ يَقْبَلِ [اللهُ] مِنْه عَمَلَه، ومَنْ عَرَفَهَا وعَمِلَ بِهَا صَلَحَ لَه دِينُه وقَبِلَ مِنْه عَمَلَه، ولَمْ يَضِقْ بِه مِمَّا هُوَ فِيه لِجَهْلِ شَيْءٍ مِنَ الأُمُورِ جَهْلُه.

فَقَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللهُ، والإِيمَانُ بِأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله «صلى الله عليه وآله»، والإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ بِه مِنْ عِنْدِ الله، وحَقٌّ فِي الأَمْوَالِ الزَّكَاةُ، والْوَلَايَةُ الَّتِي أَمَرَ الله عَزَّ وجَلَّ بِهَا: وَلَايَةُ آلِ مُحَمَّدٍ «صلى الله عليه وآله».

قَالَ: فَقُلْتُ لَه: هَلْ فِي الْوَلَايَةِ شَيْءٌ دُونَ شَيْءٍ، فَضْلٌ يُعْرَفُ لِمَنْ أَخَذَ بِه؟

قَالَ: نَعَمْ. قَالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾.

وقَالَ رَسُولُ الله «صلى الله عليه وآله»: مَنْ مَاتَ ولَا يَعْرِفُ إِمَامَه مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً.

وكَانَ رَسُولَ الله «صلى الله عليه وآله»، وكَانَ عَلِيّاً «عليه السلام» وقَالَ: الآخَرُونَ كَانَ مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ كَانَ الْحَسَنَ «عليه السلام»، ثُمَّ كَانَ الْحُسَيْنَ «عليه السلام» وقَالَ الآخَرُونَ: يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، وحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، ولَا سَوَاءَ ولَا سَوَاءَ.

قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: أَزِيدُكَ؟

فَقَالَ لَه حَكَمٌ الأَعْوَرُ: نَعَمْ، جُعِلْتُ فِدَاكَ.

قَالَ: ثُمَّ كَانَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ كَانَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ أَبَا جَعْفَرٍ، وكَانَتِ الشِّيعَةُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ أَبُو جَعْفَرٍ، وهُمْ لَا يَعْرِفُونَ مَنَاسِكَ حَجِّهِمْ، وحَلَالَهُمْ وحَرَامَهُمْ، حَتَّى كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ، فَفَتَحَ لَهُمْ، وبَيَّنَ لَهُمْ مَنَاسِكَ حَجِّهِمْ، وحَلَالَهُمْ وحَرَامَهُمْ، حَتَّى صَارَ النَّاسُ يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا كَانُوا يَحْتَاجُونَ إِلَى النَّاسِ، وهَكَذَا يَكُونُ الأَمْرُ والأَرْضُ، لَا تَكُونُ إِلَّا بِإِمَامٍ، ومَنْ مَاتَ لَا يَعْرِفُ إِمَامَه مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وأَحْوَجُ مَا تَكُونُ إِلَى مَا أَنْتَ عَلَيْه إِذْ بَلَغَتْ نَفْسُكَ هَذِه (وأَهْوَى بِيَدِه إِلَى حَلْقِه) وانْقَطَعَتْ عَنْكَ الدُّنْيَا تَقُولُ لَقَدْ كُنْتُ عَلَى أَمْرٍ حَسَنٍ([12]).

 

7 ـ روى الكشّي عن حَمْدَوَيْهِ، وإِبْرَاهِيمُ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ فُضَيْلٍ الْأَعْوَرِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ قَالَ:

قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ «عليه السلام»: إِنَّ سَالِمَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ يَقُولُ: مَا بَلَغَكَ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ كَانَتْ مِيتَتُهُ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً؟

فَأَقُولُ: بَلَى.

فَيَقُولُ: مَنْ إِمَامُكَ؟

فَأَقُولُ: أَئِمَّتِي آلُ مُحَمَّدٍ «عليه وعليهم السلام».

فَيَقُولُ: وَاللهِ مَا أَسْمَعُكَ عَرَفْتَ إِمَاماً.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ «عليه السلام»: وَيْحَ سَالِمٍ، وَمَا يَدْرِي سَالِمٌ مَا مَنْزِلَةُ الْإِمَامِ؟ مَنْزِلَةُ الْإِمَامِ يَا زِيَادُ أَفْضَلُ وَأَعْظَمُ مِمَّا يَذْهَبُ إِلَيْهِ سَالِمٌ وَالنَّاسُ أَجْمَعُون([13]).

 

8 ـ روى الشيخ الكليني عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيه، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ زُرَارَةَ والْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، وبُكَيْرِ بْنِ أَعْيَنَ، ومُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وبُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وأَبِي الْجَارُودِ جَمِيعاً، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ «عليه السلام» قَالَ:

أَمَرَ الله عَزَّ وجَلَّ رَسُولَه بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ، وأَنْزَلَ عَلَيْه: ﴿إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ ورَسُولُه والَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ﴾، وفَرَضَ وَلَايَةَ أُولِي الأَمْرِ، فَلَمْ يَدْرُوا مَا هِيَ.

فَأَمَرَ اللهُ مُحَمَّداً «صلى الله عليه وآله» أَنْ يُفَسِّرَ لَهُمُ الْوَلَايَةَ كَمَا فَسَّرَ لَهُمُ الصَّلَاةَ والزَّكَاةَ، والصَّوْمَ والْحَجَّ.

فَلَمَّا أَتَاه ذَلِكَ مِنَ الله ضَاقَ بِذَلِكَ صَدْرُ رَسُولِ الله «صلى الله عليه وآله»، وتَخَوَّفَ أَنْ يَرْتَدُّوا عَنْ دِينِهِمْ وأَنْ يُكَذِّبُوه، فَضَاقَ صَدْرُه، ورَاجَعَ رَبَّه عَزَّ وجَلَّ.

فَأَوْحَى اللُه عَزَّ وجَلَّ إِلَيْه: ﴿يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَه واللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾.

فَصَدَعَ بِأَمْرِ الله تَعَالَى ذِكْرُه، فَقَامَ بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ «عليه السلام» يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ، فَنَادَى الصَّلَاةَ جَامِعَةً، وأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ.

قَالَ عُمَرُ بْنُ أُذَيْنَةَ: قَالُوا جَمِيعاً غَيْرَ أَبِي الْجَارُودِ.

وقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ «عليه السلام»: وكَانَتِ الْفَرِيضَةُ تَنْزِلُ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ الأُخْرَى، وكَانَتِ الْوَلَايَةُ آخِرَ الْفَرَائِضِ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ «عليه السلام»: يَقُولُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: لَا أُنْزِلُ عَلَيْكُمْ بَعْدَ هَذِه فَرِيضَةً قَدْ أَكْمَلْتُ لَكُمُ الْفَرَائِضَ([14]).

 

9 ـ روى الشيخ الكليني عن عَلِي بْن إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ وعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ:

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله «عليه السلام» عَنْ قَوْلِ الله عَزَّ وجَلَّ ﴿أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾.

فَقَالَ: نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، والْحَسَنِ والْحُسَيْنِ «عليهم السلام».

فَقُلْتُ لَه: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: فَمَا لَه لَمْ يُسَمِّ عَلِيّاً وأَهْلَ بَيْتِه «عليه السلام» فِي كِتَابِ الله عَزَّ وجَلَّ؟

قَالَ: فَقَالَ قُولُوا لَهُمْ: إِنَّ رَسُولَ الله «صلى الله عليه وآله» نَزَلَتْ عَلَيْه الصَّلَاةُ ولَمْ يُسَمِّ اللهُ لَهُمْ ثَلَاثاً، ولَا أَرْبَعاً، حَتَّى كَانَ رَسُولُ الله «صلى الله عليه وآله» هُوَ الَّذِي فَسَّرَ ذَلِكَ لَهُمْ..

ونَزَلَتْ عَلَيْه الزَّكَاةُ، ولَمْ يُسَمِّ لَهُمْ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَماً دِرْهَمٌ، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّه «صلى الله عليه وآله» هُوَ الَّذِي فَسَّرَ ذَلِكَ لَهُمْ.

ونَزَلَ الْحَجُّ، فَلَمْ يَقُلْ لَهُمْ: طُوفُوا أُسْبُوعاً، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّه «صلى الله عليه وآله» هُوَ الَّذِي فَسَّرَ ذَلِكَ لَهُمْ.

ونَزَلَتْ: ﴿أَطِيعُوا اللهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾، ونَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ والْحَسَنِ والْحُسَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ الله «صلى الله عليه وآله» فِي عَلِيٍّ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاه فَعَلِيٌّ مَوْلَاه.

وقَالَ «صلى الله عليه وآله»: أُوصِيكُمْ بِكِتَابِ الله وأَهْلِ بَيْتِي، فَإِنِّي سَأَلْتُ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا، حَتَّى يُورِدَهُمَا عَلَيَّ الْحَوْضَ، فَأَعْطَانِي ذَلِكَ.

وقَالَ: لَا تُعَلِّمُوهُمْ فَهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ.

وقَالَ: إِنَّهُمْ لَنْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ بَابِ هُدًى، ولَنْ يُدْخِلُوكُمْ فِي بَابِ ضَلَالَةٍ.

فَلَوْ سَكَتَ رَسُولُ الله «صلى الله عليه وآله»، فَلَمْ يُبَيِّنْ مَنْ أَهْلُ بَيْتِه لَادَّعَاهَا آلُ فُلَانٍ وآلُ فُلَانٍ، ولَكِنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أَنْزَلَه فِي كِتَابِه تَصْدِيقاً لِنَبِيِّه «صلى الله عليه وآله»: ﴿إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾، فَكَانَ عَلِيٌّ والْحَسَنُ والْحُسَيْنُ وفَاطِمَةُ «عليهم السلام»، فَأَدْخَلَهُمْ رَسُولُ اللَّه «صلى الله عليه وآله» تَحْتَ الْكِسَاءِ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ أَهْلاً وثَقَلاً، وهَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وثَقَلِي.

فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: ألَسْتُ مِنْ أَهْلِكَ؟

فَقَالَ: إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ، ولَكِنَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي وثِقْلِي([15]).

 

10 ـ روى الشيخ الكليني عن عِدَّة مِنْ أَصْحَابِه، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الطَّائِيِّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ:

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله «عليه السلام» عَنْ قَوْلِ الله عَزَّ وجَلَّ: ﴿اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ ورَسُولُه والْمُؤْمِنُونَ﴾.

قَالَ: هُمُ الأَئِمَّةُ([16]).

 

11 ـ روى الكشي عن مُحَمَّد بْن قُولَوَيْهِ، عَنْ سَعْدٍ بن عبد الله، عَنِ ابْنِ يَزِيدَ ومُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ الْأَزْدِيِّ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ:

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ «عليه السلام» يَقُولُ:‏ لَعَنَ‏ اللهُ‏ عَبْدَ اللهِ‏ بْنَ سَبَأ، إِنَّهُ ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَانَ وَاللهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ «عليه السلام» عَبْداً لِلهِ طَائِعاً.

الْوَيْلُ لِمَنْ كَذَبَ عَلَيْنَا، وَإِنَّ قَوْماً يَقُولُونَ فِينَا مَا لَا نَقُولُهُ فِي أَنْفُسِنَا نَبْرَأُ إِلَى اللهِ مِنْهُمْ نَبْرَأُ إِلَى اللهِ مِنْهُم([17]).

 

12 ـ روى الشيخ الكليني عن عَلِي بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيه ومُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَمَّنْ ذَكَرَه جَمِيعاً، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ:

قُلْتُ لأَبِي جَعْفَرٍ «عليه السلام»: ﴿قُلْ كَفى بِالله شَهِيداً بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَنْ عِنْدَه عِلْمُ الْكِتابِ﴾.

قَالَ: إِيَّانَا عَنَى، وعَلِيٌّ أَوَّلُنَا وأَفْضَلُنَا، وخَيْرُنَا بَعْدَ النَّبِيِّ «صلى الله عليه وآله»([18]).

 

13 ـ روى الشيخ الكليني عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُهْتَدِي، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جُنْدَبٍ: أَنَّه كَتَبَ إِلَيْه الرِّضَا «عليه السلام»:

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ مُحَمَّداً «صلى الله عليه وآله» كَانَ أَمِينَ الله فِي خَلْقِه، فَلَمَّا قُبِضَ «صلى الله عليه وآله» كُنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ وَرَثَتَه، فَنَحْنُ أُمَنَاءُ الله فِي أَرْضِه([19]).

 

14 ـ روى الشيخ الكليني عن أبي عَلِيٍّ الأَشْعَرِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ، يُوسُفَ بْنِ ثَابِتِ بْنِ أَبِي سَعِيدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله «عليه السلام»:

أنهم قالوا حين دخلوا عليه:

...فَقَدْ كَانَ رَسُولُ الله «صلى الله عليه وآله» وَحْدَانِيّاً يَدْعُو النَّاسَ فَلَا يَسْتَجِيبُونَ لَه، وكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَجَابَ لَه: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ «عليه السلام»، وقَدْ قَالَ رَسُولُ الله «صلى الله عليه وآله»: أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّه لَا نَبِيَّ بَعْدِي([20]).

 

15 ـ روى الشيخ الصدوق عن أبيه، عن سَعْد بْن عَبْدِ الله، عَنْ أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْعِجْلِيِّ قَالَ:

قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ «عليه السلام»: مَا مَعْنَى‏: ﴿إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ﴾؟

فَقَالَ: الْمُنْذِرُ رَسُولُ‏ اللهِ‏ «صلى الله عليه وآله»، وَعَلِيٌّ الْهَادِي، وَفِي كُلِّ وَقْتٍ وَزَمَانٍ إِمَامٌ مِنَّا يَهْدِيهِمْ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ «صلى الله عليه وآله»([21]).

 

16 ـ روى الشيخ الكليني عن عِدَّة مِنْ أَصْحَابِه، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ قَالَ:

سَأَلَ أَبَا الْحَسَنِ «عليه السلام» رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ فَارِسَ، فَقَالَ لَه: أتَعْلَمُونَ الْغَيْبَ؟

فَقَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ «عليه السلام»: يُبْسَطُ لَنَا الْعِلْمُ فَنَعْلَمُ، ويُقْبَضُ عَنَّا فَلَا نَعْلَمُ.

وقَالَ: سِرُّ الله عَزَّ وجَلَّ أَسَرَّه إِلَى جَبْرَئِيلَ «عليه السلام»، وأَسَرَّه جَبْرَئِيلُ إِلَى مُحَمَّدٍ «صلى الله عليه وآله»، وأَسَرَّه مُحَمَّدٌ إِلَى مَنْ شَاءَ الله([22]).

 

17 ـ روى الشيخ الكليني عن عَلِي بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيه، وأَبي عَلِيٍّ الأَشْعَرِيّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ جَمِيعاً، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ:

دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله «عليه السلام» وهُوَ فِي مَنْزِلِ أَخِيه عَبْدِ الله بْنِ مُحَمَّدٍ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، ألَا أَقُصُّ عَلَيْكَ دِينِي؟

فَقَالَ: بَلَى.

 قُلْتُ: أَدِينُ الله بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللهُ وَحْدَه لَا شَرِيكَ لَه، وأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه ورَسُولُه، وأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وإِقَامِ الصَّلَاةِ، وإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وصَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وحِجِّ الْبَيْتِ، والْوَلَايَةِ لِعَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ رَسُولِ الله «صلى الله عليه وآله»، والْوَلَايَةِ لِلْحَسَنِ والْحُسَيْنِ، والْوَلَايَةِ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، والْوَلَايَةِ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، ولَكَ مِنْ بَعْدِه «صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ»، وأَنَّكُمْ أَئِمَّتِي، عَلَيْه أَحْيَا، وعَلَيْه أَمُوتُ وأَدِينُ اللهَ بِه([23]).

 

18 ـ الفضل بن شاذان عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن مسلم قال:

قال أبو جعفر «عليه السلام»: قال رسول الله «صلى الله عليه وآله» لعلي بن أبي طالب «عليه السلام»: يا علي، أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم أنت يا علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي، ثم جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم الحجة بن الحسن الذي تنتهي إليه الخلافة والوصاية، ويغيب مدة طويلة، ثم يظهر ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً([24]).

 

19 ـ روى الشيخ الصدوق عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري، عن علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، عن الفضل شاذان، قال:

سأل المأمونُ عليَّ بن موسى الرضا «عليه السلام» أن يَكْتُبَ لهُ مَحْضَ الإسْلام على سبيلِ الإيجاز والاخْتِصَارَ.

فَكَتَبَ «عليه السلام» له:

...وأنَّ الدليل بعده، والحجة على المؤمنين، والقائم بأمر المسلمين، والناطق عن القرآن، والعالم بأحكامه: أخوه، وخليفته، ووصيه، ووليه، والذي كان منه بمنزلة هارون من موسى: علي بن أبي طالب «عليه السلام»، أمير المؤمنين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وأفضل الوصيين، ووارث علم النبيين والمرسلين، وبعده الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ثم علي بن الحسين زين العابدين، ثم محمد بن علي باقر علم النبيين، ثم جعفر بن محمد الصادق وارث علم الوصيين، ثم موسى بن جعفر الكاظم، ثم علي بن موسى الرضا، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم الحجة القائم المنتظر «صلوات الله عليهم أجمعين»([25]).

 

20 ـ روى الشيخ الصدوق بإسناده[26] عن عَبْد اللهِ بْن جُنْدَبٍ،‏ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ «عليه السلام» أَنَّهُ قَالَ:

تَقُولُ‏ فِي سَجْدَةِ الشُّكْرِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ، وَأُشْهِدُ مَلَائِكَتَكَ وَأَنْبِيَاءَكَ وَرُسُلَكَ، وجَمِيعَ خَلْقِكَ: أَنَّكَ‏ أَنْتَ اللهُ رَبِّي، والْإِسْلَامَ دِينِي، وَمُحَمَّداً نَبِيِّي، وَعَلِيّاً وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، وعَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، ومُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، وجَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، ومُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ، وعَلِيَّ بْنَ مُوسَى، ومُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، وعَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ، والْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، والْحُجَّةَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِي‏ أَئِمَّتِي، بِهِمْ أَتَوَلَّى، ومِنْ أَعْدَائِهِمْ أَتَبَرَّأ([27]).

 

21 ـ روى الشيخ الكليني عن عِدَّة مِنْ أَصْحَابِه، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي «عليه السلام» قَالَ:

أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ «عليه السلام» ومَعَه الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ «عليه السلام» وهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى يَدِ سَلْمَانَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَجَلَسَ، إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ واللِّبَاسِ، فَسَلَّمَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَرَدَّ عَلَيْه السَّلَامَ، فَجَلَسَ ثُمَّ قَالَ:

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثِ مَسَائِلَ، إِنْ أَخْبَرْتَنِي بِهِنَّ عَلِمْتُ أَنَّ الْقَوْمَ رَكِبُوا مِنْ أَمْرِكَ مَا قُضِيَ عَلَيْهِمْ، وأَنْ لَيْسُوا بِمَأْمُونِينَ فِي دُنْيَاهُمْ وآخِرَتِهِمْ، وإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى عَلِمْتُ أَنَّكَ وهُمْ شَرَعٌ سَوَاءٌ.

فَقَالَ لَه أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ «عليه السلام»: سَلْنِي عَمَّا بَدَا لَكَ.

قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الرَّجُلِ إِذَا نَامَ أَيْنَ تَذْهَبُ رُوحُه؟

وعَنِ الرَّجُلِ كَيْفَ يَذْكُرُ ويَنْسَى؟

وعَنِ الرَّجُلِ كَيْفَ يُشْبِه وَلَدُه الأَعْمَامَ والأَخْوَالَ؟

فَالْتَفَتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ «عليه السلام» إِلَى الْحَسَنِ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَجِبْه.

قَالَ: فَأَجَابَه الْحَسَنُ «عليه السلام».

فَقَالَ الرَّجُلُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللهُ، ولَمْ أَزَلْ أَشْهَدُ بِهَا، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله، ولَمْ أَزَلْ أَشْهَدُ بِذَلِكَ، وأَشْهَدُ أَنَّكَ وَصِيُّ رَسُولِ الله «صلى الله عليه وآله»، والْقَائِمُ بِحُجَّتِه، وأَشَارَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، ولَمْ أَزَلْ أَشْهَدُ بِهَا، وأَشْهَدُ أَنَّكَ وَصِيُّه، والْقَائِمُ بِحُجَّتِه، وأَشَارَ إِلَى الْحَسَنِ «عليه السلام»، وأَشْهَدُ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ وَصِيُّ أَخِيه، والْقَائِمُ بِحُجَّتِه بَعْدَه، وأَشْهَدُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّه الْقَائِمُ بِأَمْرِ الْحُسَيْنِ بَعْدَه، وأَشْهَدُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّه الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وأَشْهَدُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ بِأَنَّه الْقَائِمُ بِأَمْرِ مُحَمَّدٍ، وأَشْهَدُ عَلَى مُوسَى أَنَّه الْقَائِمُ بِأَمْرِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وأَشْهَدُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى أَنَّه الْقَائِمُ بِأَمْرِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وأَشْهَدُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّه الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى، وأَشْهَدُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ بِأَنَّه الْقَائِمُ بِأَمْرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وأَشْهَدُ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ بِأَنَّه الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وأَشْهَدُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ الْحَسَنِ، لَا يُكَنَّى، ولَا يُسَمَّى حَتَّى يَظْهَرَ أَمْرُه، فَيَمْلأَهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً، والسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ورَحْمَةُ الله وبَرَكَاتُه.

ثُمَّ قَامَ فَمَضَى، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، اتْبَعْه فَانْظُرْ أَيْنَ يَقْصِدُ؟

فَخَرَجَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ «عليه السلام»، فَقَالَ: مَا كَانَ إِلَّا أَنْ وَضَعَ رِجْلَه خَارِجاً مِنَ الْمَسْجِدِ، فَمَا دَرَيْتُ أَيْنَ أَخَذَ مِنْ أَرْضِ الله، فَرَجَعْتُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ «عليه السلام» فَأَعْلَمْتُه.

فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أتَعْرِفُه؟

قُلْتُ: اللهُ ورَسُولُه وأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَمُ.

قَالَ: هُوَ الْخَضِرُ «عليه السلام»([28]).

 

22 ـ روى الخَزّاز القُمّي عن الحُسَيْنِ بن عليّ، عن هَارون بن موسَى، عن محمَد بن الحسَن، عن محمّد بن الحسَن الصفّار، عن يَعْقوب بن يزيد عن ابن أبي عُمير، عن هِشَام عن الصّادق «عليه السلام»:

...إنّ أفضلَ الفرائضِِ وأوجَبَهَا على الإنسَانِ معْرفَةُ الربّ والإقرارُ لهُ بالعُبوديّةِ، وحدُّ المَعْرِفة: أنّهُ لا إلهَ غيرُه، ولا شَبيهَ لهُ، ولا نَظيرَ له، وأنّه يُعْرَف أنّه قديمٌ، مُثْبَتٌ بوجودِ غير فقيدٍ، موصوفٌ من غيرِ شبيهٍ ولا مُبطلٍ، ليسَ كمثلهِ شيءٌ وهو السَميعُ البَصير.

وبعدَهُ معرفةُ الرَّسولِ والشَّهادةِ لهُ بالنبوّةِ. وأدنى معرفَةِ الرَّسولِ الإقرارُ (بهِ) بنبوتهِ، وأنّ ما أتَى بهِ من كتَابٍ أو أمرٍ أو نَهي، فذلكَ عن اللهِ عزَّ وجلّ.

وبعدَهُ معرفةُ الإمامِ الذي بهِ يأْتمّ بنعتِهِ وصفتِهِ واسمهِ في حَالِ العُسرِ واليُسرِ.

وأدنى معرفةِ الإمامِ: أنّه عَدلُ النّبيّ إلّا درجةَ النّبوةِ ووارِثُه، وإنّ طاعتَهُ طاعةُ الله، وطاعةُ رَسولِ الله، والتسّليمُ لهُ في كلّ أمرٍ، والردُّ إليه، والأخذُ بقولِهِ، ويعلم: أنّ الإمامَ بعدَ رسولِ الله «صلى الله عليه وآله» عليّ بن أبي طالبٍ، ثمّ الحسنُ، ثم الحسينُ، ثم عليّ بنِ الحُسين، ثمّ محمّدُ بنِ عليّ، ثمّ أنا، ثمّ من بعدي موسى ابني، ثمّ من بعدِهِ ولدُهُ عليّ، وبعد عليّ محمّدٌ ابنه، وبعدَ محمّدٍ عليّ ابنه، وبعدَ عليّ الحسنُ ابنَه، والحجّةُ من وُلدِ الحسن([29]).

 

23 ـ روى الخزّاز القمّي عن أحمدِ بنِ إسْماعِيل، عن محمّدِ بن همّام، عن عبدِ الله بن جَعْفرٍ الحميريّ، عن موسى بن مسلم، عن مسعدة، قال:

كنتُ عندَ الصادقِ «عليه السلام» إذ أتاهُ شيخٌ كبيرٌ قد انحَنا متكئاً على عَصَاه، فسلّمَ فردَّ أبو عبد الله «عليه السلام» الجواب.

ثم قالَ الشيخُ: ..جُعلتُ فِدَاك، أقمتُ على قائِمِكُم منذُ مَائةِ سنةٍ أقولُ هذا الشهرُ وهذه السنةُ، وقد كبرَتْ سنّي، ودقَّ عظْمِي، واقتربَ أجَلِي، ولا أرَى ما أُحِب..

قال: يا شيخ، إنّ قائِمَنَا يَخرُجُ من صُلْبِ الحسَن، والحسنُ يخرجُ من صلبِ عليّ، وعليٌّ يخرجُ من صلبِ محمّد، ومحمّدٌ يخرجُ من صلبِ عليّ، وعليٌّ يخرجُ من صلبِ ابني هذا ـ وأشار إلى موسى «عليه السلام» ـ وهذا خَرَجَ من صلبي، نحنُ اثنا عشر، كلنا معصومون مطهرون([30]).

 

24 ـ روى الشيخ الصدوق عن أحمد بن مُحَمَّد بْن يَحْيَى، عن أبيه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ «عليه السلام»، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله الأَنْصَارِيِّ قَالَ:

دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ «عليها السلام» وبَيْنَ يَدَيْهَا لَوْحٌ فِيه أَسْمَاءُ الأَوْصِيَاءِ، فَعَدَدْتُ اثْنَيْ عَشَرَ، آخِرُهُمُ الْقَائِمُ «عليه السلام»، ثلاثة منهم: محمد وأربعة منهم علي([31]).

  1. هذه عقيدتنا في الإمامة الخاصة:       

الإمامة لآل محمّد «عليهم السلام» مقام إلهي، خصّهم الله تعالى به لخلافة النّبي «صلّى الله عليه وآله»، والنيابة عنه في ما عدا تلقي الوحي.

 فهم عباد مكرمون يؤدّون عن الله تعالى بواسطة النّبي «صلّى الله عليه وآله»، ولا يأتون بشريعة جديدة.

وبأئمة الهدى من أهل بيت النّبي «صلّى الله عليه وآله»، أكمل الله الدّين، وأتمّ النعمة، وجعلهم هداة مهديين، وقادة راشدين، وأعلاماً لخلقه وحجة عليهم.

ولقد كانت ولايتهم بالنص من الله تعالى، عبر لسان النّبي «صلّى الله عليه وآله»، الذي ابلغ النّاس بتعيينهم، وتنصيبهم خلفاء وأوصياء له «صلّى الله عليه وآله»، وأنهم أحد الثقلين اللذين خلفهما في أمته، وهم أولو الأمر الذين فرض الله طاعتهم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُم([32]).

معرفتهم ومعرفة الإمام القائم منهم في كل زمان واجبة، ومن مات ولم يعرف إمام زمانه، مات ميتة جاهلية.

وهم استمرار لمسار النّبوة، يضطلعون بمهام النّبي «صلّى الله عليه وآله» في مختلف الشؤون.

ولا يكون في زمان واحد أكثر من إمام قائم ، ولا تخلو الأرض من إمام ظاهر أو غائب مستور.

 

([1]) الآية 59 من سورة النساء.

([2]) معاني الأخبار، 110.

([3]) الآية 55 من سورة المائدة.

([4]) الآية 3 من سورة المائدة.

([5]) الآية 54 من سورة النساء.

([6]) أحاديث اختص بها النبي(ص) علياً(ع) وأملاها عليه، فخطها علي(ع) بيمينه وتتضمن أحكام الحلال والحرام.

([7]) الخصال للشيخ الصدوق، ص65 و 66 و 67. وبحار الأنوار، ج37 ص121و 122.

([8]) عيون أخبار الرضا، ص60، وبحار الأنوار، ج 36 ص373.

([9]) الكافي، ج3 ص423، ومرآة العقول للمجلسي، ج15 ص360.

([10]) الكافي، ج1 ص205. والبرهان في تقسير القرآن، البحراني، ج2 ص92و93.

([11]) الكافي، ج1 ص203. وراجع: غاية المرام وجة الخصام، السيد هاشم البحراني، ج3 ص42و43.

([12]) الكافي، ج2 ص19 ـ 20، ومرآة العقول، ج7 ص112.

([13]) إختيار معرفة الرجال «رجال الكشي»، ص504، وبحار الأنوار، ج23 ص80.

([14]) الكافي، ج1 ص289. وراجع: التفسير الصافي، الكاشاني، ج2 ص10.

([15]) الكافي، ج1 ص286.

([16]) الكافي، ج1 ص219. وراجع: بصائر الدرجات، الصار، ص57.

([17]) إختيار معرفة الرجال «رجال الكشي»، ج1 ص324.

([18]) الكافي، ج1 ص229، ومرآة العقول للعلامة المجلسي، ج3 ص35.

([19]) الكافي، ج1 ص223. بصائر الدرجات، الصفار، 287.

([20]) الكافي، ج8 ص106، ومرآة العقول، ج25 ص260.

([21]) كمال الدين وتمام النعمة، ج2 ص667، والكافي، ج1 ص191.

([22]) الكافي، ج1 ص256، ومرآة العقول للعلامة المجلسي، ج3 ص110.

([23]) الكافي، ج2 ص23، ومرآة العقول للعلامة المجلسي، ج3 ص118.

([24]) إثبات الهداة للحر العاملي، ج2 ص234.

([25]) عيون أخبار الرضا، ج2 ص129.

(3) إسناده إليه معتبر

([27]) من لا يحضره الفقيه، ج1 ص329، وراجع الكافي، ج3 ص325.

([28]) الكافي، ج1 ص525. وعلل الشرائع، الصدوق، ج1 ص96و97.

([29]) كفاية الأثر للخزاز القمي، ص260 ـ 263.

([30]) كفاية الأثر للخزاز القمي، 265، وبحار الأنوار، ج36 ص408 ـ 409، وراجع: البرهان في تفسير القرآن للبحراني، ج3 ص277.

([31]) عيون أخبار الرضا، ج1 ص52، وراجع: كمال الدين وتمام النعمة، ص268، والكافي، ج1 ص532.

([32]) سورة النساء الآية 59.