1 ـ ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾([1]).
أسري به «صلى الله عليه وآله» على دابة البراق من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى، حتى رأى آياتٍ من غيب الله سبحانه.
وكان ذهابه وإيابه إعجازياً، في جزء من ليلة واحدة مع بُعدِ المسافة بينهما.
2 ـ ﴿وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى% ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى %فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى %فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى % مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى % أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى % وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى % عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى % عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى % إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى % مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى% لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾([2]).
إصطحب جبرئيل «عليه السلام» النبي «صلى الله عليه وآله» ليلة المعراج إلى السماء، حتى وصل إلى السماء السابعة، حيث أقصى ما يمكن أن يصل إليه أحد من الخلق، وعن الصادق «عليه السلام» قال له جبرئيل «عليه السلام»: تقدم يا محمد، فقد وطأت موطئاً، لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل([3]). فرأى بعض آياته العظام، وقد ذكر منها صورة جبرئيل «عليه السلام» وعجائب قدرته سبحانه.
1 ـ روى الشيخ الكليني عَنْ عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ البيزنطي، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله «عليه السلام» قَالَ:
لَمَّا عُرِجَ بِرَسُولِ الله «صلى الله عليه وآله»، انْتَهَى بِه جَبْرَئِيلُ إِلَى مَكَانٍ فَخَلَّى عَنْه، فَقَالَ لَه: يَا جَبْرَئِيلُ، تُخَلِّينِي عَلَى هَذِه الْحَالَةِ.
فَقَالَ: امْضِه، فَوَالله لَقَدْ وَطِئْتَ مَكَاناً مَا وَطِئَه بَشَرٌ، ومَا مَشَى فِيه بَشَرٌ قَبْلَك([4]).
2 ـ روى الشيخ الكليني عَنْ علِيّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ حَدِيدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله «عليه السلام» قَالَ:
لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ الله «صلى الله عليه وآله»، أَصْبَحَ فَقَعَدَ، فَحَدَّثَهُمْ بِذَلِكَ، فَقَالُوا لَه: صِفْ لَنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ؟
قَالَ: فَوَصَفَ لَهُمْ، وإِنَّمَا دَخَلَه لَيْلاً، فَاشْتَبَه عَلَيْه النَّعْتُ..
فَأَتَاه جَبْرَئِيلُ «عليه السلام»، فَقَالَ: انْظُرْ هَاهُنَا، فَنَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ، فَوَصَفَه وهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْه، ثُمَّ نَعَتَ لَهُمْ مَا كَانَ مِنْ عِيرٍ لَهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وبَيْنَ الشَّامِ، ثُمَّ قَالَ: هَذِه عِيرُ بَنِي فُلَانٍ، تَقْدَمُ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، يَتَقَدَّمُهَا جَمَلٌ أَوْرَقُ أَوْ أَحْمَرُ.
قَالَ: وبَعَثَ قُرَيْشٌ رَجُلاً عَلَى فَرَسٍ لِيَرُدَّهَا، قَالَ: وبَلَغَ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ.
قَالَ قُرْطَةُ بْنُ عَبْدِ عَمْرٍو: يَا لَهْفاً، أَلَّا أَكُونَ لَكَ جَذَعاً حِينَ تَزْعُمُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ورَجَعْتَ مِنْ لَيْلَتِكَ([5]).
3 ـ روى الشيخ الصدوق عن أبيه، عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ «عليه السلام» قَالَ:
لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللهِ «صلى الله عليه وآله» إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَمَلَهُ جَبْرَئِيلُ عَلَى الْبُرَاقِ، فَأَتَيَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وعَرَضَ إِلَيْهِ مَحَارِيبَ الْأَنْبِيَاءِ، وصَلَّى بِهَا ورَدَّهُ، فَمَرَّ رَسُولُ اللهِ «صلى الله عليه وآله» فِي رُجُوعِهِ بِعِيرٍ لِقُرَيْشٍ، وإِذَا لَهُمْ مَاءٌ فِي آنِيَةٍ وقَدْ أَضَلُّوا بَعِيراً لَهُمْ، وكَانُوا يَطْلُبُونَهُ، فَشَرِبَ رَسُولُ اللهِ «صلى الله عليه وآله» مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، وأَهْرَقَ بَاقِيَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ «صلى الله عليه وآله» قَالَ لِقُرَيْشٍ: إِنَّ اللهَ جَلَّ جَلَالُهُ قَدْ أَسْرَى بِي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وأَرَانِي آثَارَ الْأَنْبِيَاءِ ومَنَازِلَهُمْ، وإِنِّي مَرَرْتُ بِعِيرٍ لِقُرَيْشٍ فِي مَوْضِعِ كَذَا وكَذَا، وقَدْ أَضَلُّوا بَعِيراً لَهُمْ، فَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهِمْ، وأَهْرَقْتُ بَاقِيَ ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: قَدْ أَمْكَنَتْكُمُ الْفُرْصَةُ مِنْهُ، فسألوه [فَاسْأَلُوهُ] كَمِ الْأَسَاطِينُ فِيهَا والْقَنَادِيلُ.
فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ هَاهُنَا مَنْ قَدْ دَخَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَصِفْ لَنَا كَمْ أَسَاطِينُهُ وقَنَادِيلُهُ، ومَحَارِيبُهُ.
فَجَاءَ جَبْرَئِيلُ، فَعَلَّقَ صُورَةَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ تُجَاهَ وَجْهِهِ، فَجَعَلَ يُخْبِرُهُمْ بِمَا يَسْأَلُونَهُ عَنْهُ.
فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ قَالُوا: حَتَّى يَجِيئَ الْعِيرُ ونَسْأَلَهُمْ عَمَّا قُلْتَ.
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ «صلى الله عليه وآله»: تَصْدِيقُ ذَلِكَ: أَنَّ الْعِيرَ تَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، يَقْدُمُهَا جَمَلٌ أَوْرَقُ.
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، أَقْبَلُوا يَنْظُرُونَ إِلَى الْعَقَبَةِ، ويَقُولُونَ: هَذِهِ الشَّمْسُ تَطْلُعُ السَّاعَةَ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذَا طَلَعَتْ عَلَيْهِمُ الْعِيرُ حِينَ طَلَعَ الْقُرْصُ، يَقْدُمُهَا جَمَلٌ أَوْرَقُ، فَسَأَلُوهُمْ عَمَّا قَالَ رَسُولُ اللهِ «صلى الله عليه وآله».
فَقَالُوا: لَقَدْ كَانَ هَذَا، ضَلَّ جَمَلٌ لَنَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وكَذَا، ووَضَعْنَا مَاءً، فَأَصْبَحْنَا وقَدْ أُهْرِيقَ الْمَاءُ، فَلَمْ يَزِدْهُمْ ذَلِكَ إِلَّا عُتُوّاً([6]).
4 ـ روى الشيخ الصدوق عن أبيه، عن سَعْد بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ «عليه السلام» قَالَ:
إِنَّ رَسُولَ اللهِ حَيْثُ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ لَمْ يَمُرَّ بِخَلْقٍ مِنْ خَلْقِ اللهِ إِلَّا رَأَى مِنْهُ مَا يُحِبُّ مِنَ الْبِشْرِ واللُّطْفِ والسُّرُورِ بِهِ، حَتَّى مَرَّ بِخَلْقٍ مِنْ خَلْقِ اللهِ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، ولَمْ يَقُلْ لَهُ شَيْئاً، فَوَجَدَهُ قَاطِباً عَابِساً، فَقَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ، مَا مَرَرْتُ بِخَلْقٍ مِنْ خَلْقِ اللهِ إِلَّا رَأَيْتُ الْبِشْرَ واللُّطْفَ والسُّرُورَ مِنْهُ، إِلَّا هَذَا، فَمَنْ هَذَا؟
قَالَ: هَذَا مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، وهَكَذَا خَلَقَهُ رَبُّهُ.
قَالَ: فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَطْلُبَ إِلَيْهِ أَنْ يُرِيَنِي النَّارَ.
فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ: إِنَّ هَذَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، وقَدْ سَأَلَنِي أَنْ أَطْلُبَ إِلَيْكَ أَنْ تُرِيَهُ النَّارَ.
قَالَ: فَأَخْرَجَ لَهُ عُنُقاً مِنْهَا فَرَآهَا، فَلَمَّا أَبْصَرَهَا لَمْ يَكُنْ ضَاحِكاً حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ([7]).
5 ـ روى الشيخ الصدوق عن أبيه، عن مُحَمَّد بْن يَحْيَى الْعَطَّارُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عن ابْن أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا «عليه السلام» قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ «صلى الله عليه وآله»: لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ بَلَغَ بِي جَبْرَئِيلُ مَكَاناً لَمْ يَطَأْهُ جَبْرَئِيلُ قَطُّ، فَكُشِفَ لِي، فَأَرَانِيَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ مَا أَحَبَّ([8]).
6 ـ روى الشيخ الصدوق عن أبيه ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن سَعْد بْن عَبْدِ اللهِ، عن مُحَمَّد بْن عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ومُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الصَّبَّاحِ السُّدِّيِّ، وسَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ، ومُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ مُؤْمِنِ الطَّاقِ، وعُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ «عليه السلام»، وَمُحَمَّد بْن الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّد بْن الْحَسَنِ الصَّفَّار، وسَعْد بْن عَبْدِ اللهِ، عن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، ويَعْقُوب بْن يَزِيدَ، ومُحَمَّد بْن عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَبَلَةَ، عَنِ الصَّبَّاحِ الْمُزَنِيِّ وسَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ، ومُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَحْوَلِ، وعُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ «عليه السلام»:
أَنَّهُمْ حَضَرُوهُ، فَقَالَ «عليه السلام»: ...إِنَّ اللهَ الْعَزِيزَ الْجَبَّارَ عَرَجَ بِنَبِيِّهِ «صلى الله عليه وآله» إِلَى سَمَائِهِ سَبْعاً...
ثُمَّ عُرِجَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَنَفَرَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى أَطْرَافِ السَّمَاءِ، ثُمَّ خَرَّتْ سُجَّداً، فَقَالَتْ: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّنَا ورَبُّ الْمَلَائِكَةِ والرُّوحِ، مَا أَشْبَهَ هَذَا النُّورَ بِنُورِ رَبِّنَا.
فَقَالَ جَبْرَئِيلُ «عليه السلام»: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ.
فَسَكَتَتِ الْمَلَائِكَةُ، وفُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، واجْتَمَعَتِ الْمَلَائِكَةُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَسَلَّمَتْ عَلَى النَّبِيِّ «صلى الله عليه وآله» أَفْوَاجاً، ثُمَّ قَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ، كَيْفَ أَخُوكَ؟
قَالَ: بِخَيْرٍ.
قَالَتْ: فَإِنْ أَدْرَكْتَهُ فَأَقْرِئْهُ مِنَّا السَّلَامَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ «صلى الله عليه وآله»: أَتَعْرِفُونَهُ؟
فَقَالُوا: كَيْفَ لَمْ نَعْرِفْهُ، وقَدْ أَخَذَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ مِيثَاقَكَ ومِيثَاقَهُ مِنَّا، وإِنَّا لَنُصَلِّي عَلَيْكَ وعَلَيْهِ...
ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ،... فَاجْتَمَعَتِ الْمَلَائِكَةُ وفُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وقَالَتْ: يَا جَبْرَئِيلُ، مَنْ هَذَا الَّذِي مَعَكَ؟
فَقَالَ: هَذَا مُحَمَّدٌ «صلى الله عليه وآله».
قَالُوا: وقَدْ بُعِثَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ رَسُولُ اللهِ «صلى الله عليه وآله»: فَخَرَجُوا إِلَى شِبْهِ الْمَعَانِيقِ[9]، فَسَلَّمُوا عَلَيَّ، وقَالُوا: أَقْرِئْ أَخَاكَ السَّلَامَ.
فَقُلْتُ: هَلْ تَعْرِفُونَهُ؟!
قَالُوا: نَعَمْ، وكَيْفَ لَا نَعْرِفُهُ وقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَكَ ومِيثَاقَهُ ومِيثَاقَ شِيعَتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَلَيْنَا، وإِنَّا لَنَتَصَفَّحُ وُجُوهَ شِيعَتِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْساً، يَعْنُونَ فِي كُلِّ وَقْتِ صَلَاةٍ...
قَالَ رَسُولُ اللهِ «صلى الله عليه وآله»: ثُمَّ عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، ...فَاجْتَمَعَتِ الْمَلَائِكَةُ وفُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وقَالَتْ: مَرْحَباً بِالْأَوَّلِ، ومَرْحَباً بِالْآخِرِ، ومَرْحَباً بِالْحَاشِرِ، ومَرْحَباً بِالنَّاشِرِ، مُحَمَّدٌ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وعَلِيٌّ خَيْرُ الْوَصِيِّينَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ «صلى الله عليه وآله»: سَلَّمُوا عَلَيَّ وسَأَلُونِي عَنْ عَلِيٍّ أَخِي، فَقُلْتُ: هُوَ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَتِي، أَوَتَعْرِفُونَهُ؟
قَالُوا: نَعَمْ، وكَيْفَ لَا نَعْرِفُهُ، وقَدْ نَحُجُّ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، وعَلَيْهِ رَقٌّ أَبْيَضُ فِيهِ اسْمُ مُحَمَّدٍ «صلى الله عليه وآله» وعَلِيٍّ، والْحَسَنِ والْحُسَيْنِ، والْأَئِمَّةِ، وشِيعَتِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وإِنَّا لَنُبَارِكُ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِأَيْدِينَا...
ثُمَّ عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ([10]).
7 ـ روى الشيخ الكليني عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيه، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ زُرَارَةَ والْفَضْلِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ «عليه السلام» قَالَ:
لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ الله «صلى الله عليه وآله» إِلَى السَّمَاءِ، فَبَلَغَ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ وحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَأَذَّنَ جَبْرَئِيلُ وأَقَامَ، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ الله «صلى الله عليه وآله»،
وصَفَّ الْمَلَائِكَةُ والنَّبِيُّونَ خَلْفَ مُحَمَّدٍ «صلى الله عليه وآله»([11]).
8 ـ روى الشيخ الكليني عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله «عليه السلام» قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله «صلى الله عليه وآله»: لَقَدْ أَسْرَى رَبِّي بِي، فَأَوْحَى إِلَيَّ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ مَا أَوْحَى، وشَافَهَنِي، إِلَى أَنْ قَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ، مَنْ أَذَلَّ لِي وَلِيّاً فَقَدْ أَرْصَدَنِي بِالْمُحَارَبَةِ، ومَنْ حَارَبَنِي حَارَبْتُه.
قُلْتُ: يَا رَبِّ، ومَنْ وَلِيُّكَ هَذَا؟ فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ مَنْ حَارَبَكَ حَارَبْتَه.
قَالَ لِي: ذَاكَ مَنْ أَخَذْتُ مِيثَاقَه لَكَ ولِوَصِيِّكَ ولِذُرِّيَّتِكُمَا بِالْوَلَايَةِ([12]).
9 ـ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ «عليه السلام» قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ «صلى الله عليه وآله»: لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ وانْتَهَيْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى سَمِعْتُ الْأَذَانَ، فَإِذَا مَلَكٌ يُؤَذِّن لَمْ يُرَ في السَّمَاءِ قَبْلَ تِلْكَ اللَّيْلَة ، فقال : اللُه أكبرُ، اللهُ أكبر...
ثُمَّ أَمَمْتُ الْمَلَائِكَةَ فِي السَّمَاءِ، كَمَا أَمَمْتُ الْأَنْبِيَاءَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِس([13]).
10 ـ روى الشيخ الصدوق عن الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب، وعلي بن عبد الله الوراق، وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن يحيى بن أبي عمران، وصالح بن السندي، عن يونس بن عبد الرحمان، قال:
قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر «عليهما السلام»: لأي علة عرج الله بنبيه «صلى الله عليه وآله» إلى السماء، ومنها إلى سدرة المنتهى، ومنها إلى حجب النور، وخاطبه وناجاه هناك، والله لا يوصف بمكان؟
فقال «عليه السلام»: إنّ الله لا يوصف بمكان، ولا يجرى عليه زمان، ولكنه عز وجل أراد أن يشرِّف به ملائكته، وسكان سماواته، ويكرمهم بمشاهدته، ويريه من عجايب عظمته، ما يخبر به بعد هبوطه، وليس ذلك على ما يقوله المشبِّهون، سبحان الله وتعالى عما يصفون([14]).
الإسراء والمعراج معجزة وكرامة كبرى للنبي «صلى الله عليه وآله»، وآية عظمى لكمالاته، والدلالة على مكانته عند الله تعالى.
في السنوات الأولى للمبعث، أسري بالنبي «صلى الله عليه وآله» ببدنه وروحه من مكة، وحمله جبرائيل على البراق إلى المسجد الأقصى.
وعرج به «صلى الله عليه وآله» من بيت المقدس إلى السماء، ودخل الجنة وتناول من ثمار طوبى، والتقى بملائكة منهم ملك الموت وخازن النار. وبأنبياء منهم: آدم، وإبراهيم، وعيسى «عليهم السلام».
وتقدم عن جبرئيل إلى مقامات النور والقرب التي لم يصلها أحد من الخلق، ورأى من آيات ربه الكبرى.
وشرَّف الله تعالى ملائكته، وسكان سماواته، إذ أكرمهم برؤية خيرة خلقه، وخاتم النبيين، الذي رأى من عجائب عظمة الله تعالى ما يخبر به أهل الدنيا بعد هبوطه.
ذُكِرَ في القرآن إسراءان إلى السماء: أحدهما في سورة الإسراء، والثاني في سورة النجم، وفي بعض الروايات: أن الإسراء والمعراج حصل مائة وعشرين مرة.[15]
([1]) الآية 1 من سورة الإسراء. وتفسير القمي، ج1 ص246.
([2]) الآيات 7 ـ 18 من سورة النجم.
([3]) بحار الأنوار، ج3 ص65. وتفسير القمي، ج1 246.
([4]) الكافي، ج1 ص442، مرآة العقول للمجلسي، ج5 ص200.
([5]) الكافي، ج8 ص262، ومرآة العقول للمجلسي، ج26 ص252.
([6]) أمالي الصدوق، ص448، والبرهان في تفسير القرآن للبحراني، ج3 ص485.
([7]) أمالي الصدوق، ص696، وبحار الأنوار، ج8 ص284.
([8]) التوحيد للصدوق، ص108، وراجع: الكافي للكليني، ج1 ص98.
([9]) جمع المعناق هو الفرس الجيد العنق، والمراد هنا خروجهم مسرعين(مجمع البحرين).
([10]) علل الشرائع، ج2 ص312 ـ 316، وبحار الأنوار، ج88 ص354.
([11]) الكافي، ج3 ص302، وتهذيب الأحكام للشيخ الطوسي، ج2 ص60.
([12]) الكافي، ج2 ص353. ووسائل الشيعة، ج12 ص270.
([13]) تفسير القمي، ج2 ص12، وبحار الأنوار، ج18 ص319 وج79 ص256، وجامع أحاديث الشيعة، ج4 ص675.
([14]) علل الشرائع للصدوق، ج1 ص132، وبحار الأنوار، ج3 ص315.
([15]) راجع الخصال ، الشيخ الصدوق، ص601، وعلل الشرائع ، الشيخ الصدوق، ص149.